خطأ بسيط دمر مركبة فضائية
في يوم 23 ديسمبرعام 1999 تم فقدان الإتصال
بمركبة المريخ المناخي المداري والتابعة لوكالة ناسا للفضاء وذلك بسبب فشل
المهندسين بالقيام بتحويل بسيط بين الوحدات من النظام الإنجليزي ( وحدات القياس الإمبراطورية ) الى النظام المتري. وكما صرح المحققون فهي تعتبر سقطة
مخجلة أدت الى فقدان مركبة تقدر ب125 مليون دولار بالقرب من سطح المريخ.
وقد حاول المسؤولون جاهدون أن يحددوا
ما إذا كان هناك خطأ مماثل خفي في ملفات الكومبيوتر والخاصة بمركبتين أخريتين كانتا
تطوفان في الفضاء في ذلك الوقت: وهما مركبة المريخ القطبية والتي هبطت على سطح
المريخ في 3
ديسمبر عام 1999 و مركبة ستاردست (مركبة الغبار النجمي) والمتجهة إلى أحد المذنبات.
من الواضح أن ذلك الخطأ قد أثر على مهام المركبة منذ بداية إطلاقها في 11 ديسمبر
عام 1998ولمدة 10 أشهر تقريبا لمسافة 416
مليون ميل قبل فشلها في 23 سبتمبر1999 (أي
بعد 286 يوما من تاريخ الإطلاق). وحتى ذلك الوقت لم يكن قد تم تحديد وتصحيح ذلك
الخطأ بعد من قبل أنظمة المراقبة والتوازن في مختبر الدفع النفاث JPL بولاية كاليفورنيا والذي يقوم
بإدارة العديد من الرحلات الفضائية لوكالة ناسا للفضاء ومن ضمنها تلك الرحلة.
ويعتقد مراقبوا الرحلة انه نتيجة لذلك الخطأ
إنجرفت المركبة في الغلاف الجوي للمريخ وعطلتها الضغوط التي بدورها أحبطت وضعها في
مدار المريخ وم ن المرجح أنها دفعت للخروج من المدار الى الفضاء الخارجي في مدار
حول الشمس.
وفي تصريحات خيم عليها التوتر والذهول وقتئذ صرح مسؤولو ناسا أنهم يحاولون جاهدين
معرفة اسباب تلك الكارثة في محاولة منهم للهروب من السخرية قدر الإمكان.
وقد صرح مدير وقتها مختبر الدفع النفاث
إدوارد ستون أن عدم قدرتهم على تحديد وتصحيح هذا الخطأ البسيط كان له نتائج ضخمة
(كارثية).
تسببت شركة لوكيد مارتن للملاحة والواقعة في
كولورادو في الخطأ الاولي فالشركة كغيرها
من شركات الإطلاق الفضائية الأمريكية فقد جرت العادة على إستخدام القياسات
الإنجليزية ( وحدات القياس الإمبراطورية ).
في المقابل يستخدم فريق الملاحة في مختبر
الدفع النفاث النظام المتري للقياس في عمليات معقدة لتحديد وضعية المركبة بالنسبة
لحركة الكواكب وذلك لجعلها متوافقة ودقيقة. وقد كان أحد بنود الإتفاق مع المتعاقد
الملاحي ( شركة لوكيد مارتن) أن يتم تحويل قياساتهم إلى النظام المتري.
ومع
ذلك قال المسؤولون أن خطأ بسيط كهذا لم يكن ليكلفهم ذلك الثمن الفادح لمركبة
فضائية. وفي ذلك الوقت حاول المحققون جمع المعلومات بخصوص ما إذا تم التنبه الى
هذا الخطا خلال المهمة وتم تجاهله.. هل تم تتبع الإجراءات الازمة.. وكيف في المجمل
فشل كل من البشر وأنظمة الحاسوب في تحديد المشكلة.
وفي تصريح له قال مدير علوم الأرض والفضاء
تشارلز إلاكي أن كل البيانات يتم مراجعتها من اليوم الأول ليتم حل تلك المشكلة من
جذورها.
وبناءا على تصريحات نائب مدير علوم الأرض
الفضاء توم جافين فإن الخطأ الأولي حدث من خلال الملفات المرسلة بإنتظام من قبل
شركة لوكيد مارتن للملاحة الى المراقبين الملاحيين بمختبر الدفع النفاث. وقد أشارت
تلك الأخطاء الرقمية الى إندفاعات
صاروخية صغيرة كانت تتم مرتين يوميا بشكل روتيني. وفي المقابل كان
المراقبون الملاحيون يقومون بتحليل أوضاع المركبة بناءا على أن تلك الإندفعات
الصاروخية كانت تقاس بوحدة مترية وهي وحدة القوة ( نيوتن) لكل ثانية. ولكن في
الحقيقة كانت الأرقام مقاسة بوحدة الرطل (للقوة في كل ثانية). وقد أدى ذلك الى أخطاء
ضئيلة في حسابات مسار المركبة والتي تراكمت بمرور الوقت. وقد كان هناك دلائل دقيقة
للغاية على وجود هذا الخطأ ولكن لم ينتبه أحد إليها حتى وقوع الكارثة.
فيديو لطلابي يشرحون فيه تفاصيل الكارثة:
حينها أفاد المسؤولون أنه من المرجح عدم أخذ
أي إجراء بفصل أي من الموظيفين نتيجة لهذا
الفشل وأضاف أحدهم قائلا نحن لا نسعى إلى الإشارة بأصابع الإتهام وأخذ الإجراءات
العقابية بل سوف نحاول أن نسعى إلى فهم كيفية حدوث هذا الإخفاق وإصلاحه. وقد قامت
لجنتان منفصلتان في التحقيق في هذا الإخفاق يتضمنان مجموعة داخلية من مختبر الدفع النفاث وهيئة تحقيق من كل من مختبر الدفع النفاث وخبراء خارجيين. وفي القريب
العاجل ستتشكل مجموعة أخرى من هيئة ناسا.
وقد كانت المركبة المدارية جزءا من سلسلة من
المهام الموجهة الى المريخ كل عامين وهي فلسفة قد تبنتها ناسا حديثا وشعارها
(أسرع, أصغر, أرخص). وقد رفض مسؤولو ناسا الإقتراحات القائلة بأن ذلك الفشل ينعكس
إنعاكاسا سلبيا على هذا هذا النهج. وأضافوا أن المعدلات التاريخية للإخفاق متماثلة
في مهام تكلفتها مليار دولار والأقل من ذلك والرحلات الأكثر تكرارا اليوم
وهي تقدر بحوالي 10 بالمائة.
وأضافوا أيضا بأن الخسائر في الأنظمة السابقة
والتى كانت تقوم برحلة كبيرة واحدة كل عقد من الزمان كانت أكثر فداحة. في هذه
الحالة فسيكون السيرفيور (القمر المعاين/المساح) في مدار المريخ بينما ستكون المركبة (الروبوت) في الطريق.
كانت المهمة الأساسية للمركبة المدارية هي مراقبة
مناخ الكوكب الأحمر بما في ذلك السطح والقطبين خلال سنة مريخية واحدة والتي تعادل (687 يوم). ولكن ايضا كانت ستخدم أغراض الإتصال بالروبوت المريخي. وعلق مديري المهمة أن هناك خطط بديلة والتي
ستمكن الروبوت من إرسال المعلومات إما مباشرة الأرض ,من خلال شبكة الهوائيات
المنتشرة في الفضاء, أو من خلال مركبة سيرفيور (المساح) الذي يدور حول المريخ.
ترجمة:
شادي القصاص
تفسير غموض تحطم مركبة المريخ المدارية: تقرير كاثي سواير
واشنطن بوست – الجمعة 01 اكتوبر 1999
المصدر:
|
Comments