كيبلر .. العبقرية المنسية
" إن نقدا عاقلا
موضوعيا لافكاري. .أفضل عندي ألف مرة من شهرة اكتسبها على خطأ"
كلمات قالها العالم المنسي كيبلر
لم تكن تلك الكلمات إلا وصفا دقيقا
لحياة كيبلر العلمية. .
ذلك العالم المجتهد والذي أسس علم
الفلك وخط أفكاره الرئيسية والتي نعتمد عليها حتى الآن.
ولد جوهانس كيبلر في 27 ديسمبر عام 1571
في مدينة صغيرة تدعى ويل ديرشتات في
المانيا والتى كانت تحت سيطرة الامبراطورية الرومانية في ذلك الوقت.
هجره أبوه في صغره وهو في الخامسة
من عمره والذي كان يعمل كمحارب مرتزق - ويعتقد انه قتل في احد المعارك في هولندا -.
.وتركه يواجه مصيرا مجهول. . لم يكن هذا هو التحدي الوحي الذي واجهه كيبلر , فقد
كان ايضا ضعيف الجسد حتى ان يديه كانتا معاقتين ونظره كان ضعيفا جدا..
تنقل مع والدته من بلد إلى آخر. .
حتى أنه أعاد سنين دراسية أكثر من مرة بسبب ذلك التنقل الدائم
وقد كانت أمه . .كاثرينا جولدنمان
تحبه حبا جما ..وهي السبب الرئيسي في اشعال شغف ابنها كيبلر لحب الكون وتذوق سحر
جماله.. فقد كانت تأخذه في العديد من الليالي لتريه النجوم ومراحل تغير اشكال
القمر ..وقد كان خسوف القمر واحمراره من المشاهد التي لم ينساها كيبلر ابدا ..
كل هذه الخبرات المبكرة هي من وضعت
كيبلر على طريق حب الكون ومحاولة كشف اسراره.. والتى ظهرت ثمارها عام 1596 حين نشر
أول كتاب له بعنوان غموض الكون وقد كان عمره حينئذ 25 عاما والذي
فسر فيه اراء كوبرنيكس عن مركزية الشمس واعطى ادلة كثيرة على صحة هذا الرأي وخطأ
الاعتقاد بأن الأرض هي المركز..وقد كانت احدى تلك الدلائل هى ملاحظته لقرب كوكبي
عطارد والزهرة الدائم من الشمس على العكس من المريخ والمشترى.
عانى كيبلر الكثير من الماسي فقد
عانت امه مرضا نفسيا -ما نسميه اليوم بالبارانويا – والذي كان فهم في ذلك الوقت
على انه مس من الشياطين والسحر..وحكم عليها بالسجن .. وقد دافع كيبلر عن امه حتى
اخرجها من السجن بعد عام من سجنها وتعذيبها..
فقد زوجته وابنائه والذين ماتوا جميعا
وهو على قيد الحياة. .
عانى آلام الفراق. .
ومع ذلك. .. لم يزده ذلك إلا إصرارا
وجلد. .ليكمل مسيرته. وينشر نور العلم والمعرفة. .ويفسر للناس حقيقة الكون وأسرار
حركته الدقيقة. .ليس حبا في العلم فقط.. بل لانه كان عالما ذو حس مرهف .يرى الكون
بعيون فنان. .يراه مليئا بالجمال والنظام الخلاب..
عمل كيبلر مساعدا للفلكي الدنماركي
الشهير تايكو براهي. .وكانت مهمته إثبات نظريات أستاذه رياضيا. .وذلك لعبقرية كيبلر
في الرياضيات. .
ولكن كل الإثباتات الرياضية لم تكن
متوافقة مع المشاهدات الفلكية... كانت الحسابات خاطئة خاصة أن براهي كان يعتقد
بمركزية الأرض. .ولكن حينما أثبت كوبرنيكوس مركزية الشمس لا الأرض. .تقبل كبلر
الفكرة ولم يعترض بل وواصل اثباتاته الرياضية باستخدام أفكار كوبرنيكوس.
لم تكن مركزية الأرض هي الخطأ
الوحيد الذي اعترف به العالم الجليل كبلر. .بل أيضا تقبل نقد اثباتاته الرياضية
خصوصا الخاصة بدوران الكواكب حول الشمس وحساب سرعتها وزمن دورانها. .والتي كان
يعتقد علماء الفلك في حينها أنها دائرية وليست قطع ناقص (اهليجية). .
وظل يحاول في اثباتاته الرياضية
أكثر من 70 مرة. . على مدار سنين عدة.. حتى تم اكتشاف أن المدارات ليست دائرية.
.بل اهليجية (قطع ناقص)
وتقبل الفكرة بصدر رحب.. بل وأكمل
عمله العلمي باستخدام تلك الأفكار الجديدة. .ووصل إلى 3 قوانين تعتبر أعمدة علم
الفلك الحديث. .ليس فقط لأنها تفسر طبيعة دوران الكواكب. .وأشكالها. .بل لانها ايضا
تفسر علاقة حركة الكواكب ببعدها عن الشمس والوقت المستغرق في الدوران. .
وقد استخدم العبقري نيوتن قانون
كبلر الثالث وحسب سرعة وزمن دوران الكواكب بكل دقة. .وهي نفس القوانين التي نعتمد
عليها اليوم لإرسال الأقمار الصناعية. .وغيرها. .
تخليدا لمساهمات كيبلر العظيمة..سمي
تيليسكوب كيبلر والذي اطلقته ناسا في مارس عام 2009 وهو تيليسكوب فضائي يبحث عن
الكواكب التي قد تشبه بيئة الارض..والذي اكتشف مجموعة كواكب مسماه بكواكب
كيبلر..ومنهم كوكب كيبلر 186F والذي اكتشف من اشهر عدة..والذي يبعد عن الأرض مسافة 490 سنة
ضوئية
كان كيبلر عالما عظيما متواضعا.
.ومنسيا في الوقت نفسه. .
حياة صعبة مليئة بالاسى والحزن
والالم
ولكنه عانى ..وتحدى ..ووصل. .
شادي القصاص
المصدر:
Comments